محبة الانمي عضوة نشيطة
الاوسمة : عدد المساهمات : 91 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 05/03/2009 العمر : 34
| موضوع: الأخـــوة فـــي الله الإثنين ديسمبر 07 2009, 16:09 | |
| الأخـــوة فـــي الله </SPAN> | </SPAN> |
</SPAN></SPAN>
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فإن الأخوة في الله من مقاصد الشريعة الإسلامية، ودعائم قيام المجتمع المسلم.
وسأتحدث عن هذه الأخوة في ثلاثة محاور، أولا: حقيقة الأخوة. ثانياً: حقوق الأخوة. ثالثاً: طريق الأخوة.
أولاً: حقيقة الأخوة
الأمـة اليوم كما ترون وتسمعون تمـزق شملها وتشتت صفها، وطمع فيها الضعيف قبل القوي، والذليل قبل العزيز، والقاصي قبل الداني، وأصبحت قصعة مستباحة كما ترون لأحقر وأخزى وأذل أمم الأرض من اليهود وأذنابهم.
ومن أهم وسائل التغلب على هذا الواقع المر، بعد الرجوع إلى الكتاب والسنة علماً وعملاً، اعتقادا وسلوكاً، ترك التفرق فإن الفُرْقة قرينة للضعف، والخذلان، والضياع، والقوة ثمرة طيبة من ثمار الألفة والوحدة والمحبة، فما ضعفت أمة إلا بعد تفرقها، ولا ذلت إلا بعد شتاتها، ولا ارتفعت إلا بألفتها، ومودتها، واجتماعها.
ومتى غاب عن الأمة طريق وحدتها وقوتها ألا وهو «الأخوة في الله» بالمعنى الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فمحال أن تتحقق الأخوة بمعناها الحقيقي إلا على عقيدة التوحيد بصفائها وشمولها وكمالها، كما حولت هذه الأخوة الجماعة المسلمة الأولى من رعاة للغنم إلى سادة وقادة لجميع الدول والأمم، وتحولت هذه الأخوة إلى واقع عملى ومنهج حياة، وتجلى هذا الواقـع المشرق المضيء المنير يوم أن آخى النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم ابتداءً بين الموحدين في مكة، على الرغم من اختـلاف ألوانهم وأشكالهم، وألسنتهم وأوطانهـم، آخى بين حمـزة القرشي وبلال الحبشي وصهيب الرومي وأبي ذر الغفاري، وأصبح لسان حالهم:
أبي الإسلام لا أبَ لى سِوَاهُ
إذا افتخـروا بقيسٍ أو تميمِ
قطعوا العلائق الترابية، والأنساب العرقية، والتقاليد الردية، وشعارهم ودثارهم قول الله عز وجل: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُـونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 10].
ثم تكررت الأخوة وتقوت أواصرها حين آخى النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم بين أهل المدينة أنفسهم وألّف الله به بين الأوس والخزرج، بعد حروب دامية طويلة، وصراع مرير.
وبعد الهجرة اشتدت الأخوة الإيمانية بين المؤمنين حين آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، في صورة مشرقة منورة بنور الإيمان وحُبٍّ لم ولن تعرف البشرية له مثيلاً، تصافت فيه القلوب، وامتزجت فيه الأرواح، حتى جسّد هذا الإخاء المشهد الرائع الذي جـاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قدم علينا عبد الرحمن بن عوف وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، وكان كثير المال، فقال سعد: قـد علمت الأنصار أني من أكثرها مالاً، سأقسم مالي بيني وبينك شطرين، ولي امرأتان فانظـر أعجبهما إليك، فأطلقها حتى إذا حَلَّتْ تزوجْتَها. فقال عبد الرحمـن: بارك الله لك في أهلك. دلوني على السوق، فلم يرجـع يومئذٍ حتى استفضَلَ شيئاً من سَمْنٍ وأقطٍ، فلم يَلْبث إلا يسيراً حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه وَضَرٌ من صُفرةٍ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَهْيَمْ؟» قال: تزوجتُ امرأةً من الأنصار قال: «ما سقت إليها؟» قال: وزن نواة من ذهب أو نواةٍ من ذهب فقال: «أولم ولو بشـاة» [متفق عليه] وقد نتحسر الآن على زمن سعد بن الربيع ونقول أين سعد بن الربيع الذي أراد أن يشاطر أخاه ماله وزوجه؟!!
هذه صورة من صور الإخاء الحقيقي بمعتقد التوحـيد الصافي بشموله وكماله، هذه هي الأخوة الصادقة، هذه هي حقيقتها، فإن الأخوة في الله لا تبنى إلا على أواصـر العقيدة وأواصر الإيمـان وأواصر الحب في الله، تلكم الأواصر التي لا تنفك عراها أبداً.
الأخوة في الله نعمة من الله، وفضـل منه يغدقهـا على المؤمنين الصادقـين، الأخـوة إذا مبارك يعطيه الله للمؤمنـين الأصفياء والأزكياء؛ فتسمو أرواحهم، وتزكوا نفوسهم.
ولهذا نجد أن الأخوة في الله قرينة الإيمان لا تنفك عنه، ولا ينفك الإيمان عنها فإن وجدت أخوة من غير إيمـان، فاعلم يقيناً أنها التقـاء مصالح، وتبادل منافع، وإن رأيت إيمان بدون أخوة صادقة فاعلم يقيناً أنه إيمان ناقص يحتاج صاحبه إلى دواء وعلاج لمرض فيه، لذا جمع الله بين الإيمـان والأخوة في آية جامعة فقال سبحانه {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].
فالمؤمنون كأنهم أغصان متشابكة تنبثق كلها من دوحة واحدة، هي دوحة الإيمان، ودوحة العقيدة والمبدأ والمنهج والمنتهي.
أخوة مبنية على الإيمان، سارية على الصراط المستقيم بإذن الرحمن، ونافعة يوم تنقطع العلائق، {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض إلا المتقين}.
الأخوة المعتصمة بحبل الله المتين نعمة مستديمة لأهل الإيمان بها يتراحمون، ويتواصلون، وعنها يصدرون، وامتن بها ربنا جل وعلا على المسلمين فقال سبحانه:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 102-103].
فالأخوة نعمة من الله قد لا يجدها من لا يستحق هذه النعمة، قال تعالى: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 63].
ثانيا: حقوق الأخوة في الله
-1 الحق الأول: الحب في الله والبغض في الله في قلبك، لا لشيء آخر، وفي الحديث الذي رواه أبو داود والضيـاء المقدسي وصححه الشيخ الألباني من حديث أبى أمامة الباهلي أنه قال صلى الله عليه وسلم «من أحبَّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله؛ فقد استكمل الإيمان» [رواه أبو داود رقم (4681) في السنة، باب الدليل على زيادة الإيمان، وأخرجه أيضاً أحمد في المسند (3/ 438)، وهو في صحيح الجامع (5965 )]، وفي الصحيحين من حديث أنس أنه قال: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمـان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكـفر كما يكره أن يقذف في النار».، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه، وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصبٍ وجمال، فقال: إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكـر الله خالياً ففاضت عينـاه»، وفي صحيح مسلم من حديث أبى هريرة أن النـبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته، ملكاً فلمَّا أتى عليه قال: أين تريد؟ فقال: أريد أخاً لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تَرُبّها؟ قال: لا. غير أني أحببته في الله عز وجل، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه»، وفي الموطأ ومسند الإمام أحمـد بسند صحيح، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي: أن أبا إدريس الخولاني رحمه الله قال: دخلت مسجد دمشق فإذا فتى شابٌ برَّاق الثَّنايا والناس حـوله فإذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه، وصدروا عن قوله ورأيه. فسألت عنه؟ فقيل: هذا معاذ بن جبل فلما كان الغد هجَّرت، فوجدته قد سبقني بالتهجير، ووجـدته يصلي، فانتظرته حتى قضى صلاته ثم جئته من قِبَل وجهه، فسلَّمت عليه. ثم قلت: والله إني لأحـبُّك في الله، فقال: آلله؟ فقلت: آلله. فقال: آلله؟ فقلت: آلله. فقال: آلله؟ فقلت: آلله. قال: فأخذ بحبوة ردائي، فجذبني إليه، وقال: أبشر، فإنى سمعت رسول يقول: «قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيّ، والمتجالسين فيّ، والمتزاورين فيّ، والمتباذلين فيّ».
-2 السلام والمحبة والسلامة، وفي الحديث الذي رواه مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: «والـذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم»؛ فسلم على أخيك بصدق، وحسسه بالإخوة بحق، ولا تسلم سلاماً باهتاً بارداً لا حرارة فيه، وحسسه بأهمية المصافحة حتى تصاف القلوب؛ وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام: «الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، فخيارهم في الإسلام خيارهم في الجاهلية إذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف»، قال الخطابي: فالخَيِّر يحنو إلى الأخيار والشرير يحنو إلى الأشرار هذا هو معنى ما تعارف من الأرواح ائتلف، وما تنافـر وتناكر من الأرواح اختلف، لذا لا يحب المؤمن إلا من هو على شاكلته من أهل الإيمـان والإخلاص، ولا يبغض المؤمن إلا منافـق خبيث القلب، قال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96]، أي يجعل الله محبته في قلوب عباده المؤمنـين، وهذه لا ينالها مؤمن على ظهر الأرض إلا إذا أحبـه الله ابتداءً؛ كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال: إني أحب فلاناً، فأحبه قال: فيحبه جبريل، ثم يُنادى في السماء فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء. قال ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبداً دعا جبريل فيقول: إني أُبغض فلاناً فأبغضه فقال: فيبغضه جبريل ثم يُنَادى في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه. قال: فيبغضونه. ثم توضع له البغضاء في الأرض»؛ فاصحب الأخيار تسعد بهم في الدنيا، وتحشر معهم في الآخرة؛ ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك: «أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة. فقال: يا رسول الله متى الساعة. قال: «وما أعددت لها؟». قال: لا شيء، إلا أني أحب الله ورسوله. فقال: «أنت مع من أحببت» قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي: «أنت مع من أحببت». قال أنس فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بُحبِّي إياهم وإن لم أعمل بعملهم»، ونحن نشهد الله أننا نحب رسول الله وأبا بكر، وعمر، وعثمان وعليّا وجميع أصحاب النبي، وكل التابعين لنهجه وضربه المنير، ونتضرع إلى الله بفضله لا بأعمالنا أن يحشرنا معهم جميعاً بمنّه وكرمه، وهو أرحم الراحمين.
أتحب أعـداء الحبيب وتدعـى
حباً له، ما ذاك في الإمكـان
وكذا تعـادى جاهـداً أحبـابه
أين المحـبة يا أخا الشيطان
إن المحــبة أن توافـق مـن
تحب على محبته بلا نقصـانِ
فلئن ادعيت له المحبـة مـع
خلاف ما يحب فأنت ذو بهتان
-3 إعلامه بحبك له: فمن السُّنَّة إذا أحب الرجـل أخاه أن يخـبره كما في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود من حديث المقدام بن معد يكرب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه».
-4 أن لا يحمل الأخ لأخيه غلاً ولا حسداً ولا حقداً، في الصحيحين من حديث أنس بن مالك: «لا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا تنافسوا، وكونوا عباد الله إخوانا»، وفي مسند أحمد بسند جيد من حديث أنس قال: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال المصطفى: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة» فطلع رجل من الأنصار، تنطف لحيته من وضوئه، قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضاً، فطلع ذلك الرجـل على مثل حالـه الأولى، فلما قام النبى، تبعه عبد الله بن عمـرو بن العاص فقال: إني لاحَيْتُ أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤوينى إليك حتى تمضي فعلت؟ قال: نعم، قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئاً غير أنه إذا تعار- أي انتبه في الليل - وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله غـير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً، فلما مضت الثلاث ليالٍ وكـدت أن أحتقر عمله، قلت يا عبد الله إني لم يكـن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثَمَّ ولكن سمعت رسول الله يقول لك ثلاث مرات: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنـة» فطلعت أنت الثـلاث مرار، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك، فأقتدي بك، فلم أرك تعمل كثير عمل فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله ؟! قال: ما هي إلا ما رأيت. قال: فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق.
-5 طهارة القلب والنفس: إن من حقوق الأخـوة في الله أنك إن لم تستطع أن تنفع أخاك بمالك فلتكف عنه لسانك، وهذا أضعف الإيمـان، وتورع عن إخوانك، أمسك عليك لسانك، واتق الله، فوالله ما من كلمة إلا وهي مسطرة عليك في كتاب عند الله لا يضل ربي ولا ينسى؛ وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت».، وفي الصحيحين من حديث أبي موسى قال:قلت: «يا رسـول الله أي المسلمين أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده»، وفي حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الربا اثنان وسبعون باباً أدناها مثل إتيان الرجل أمه، وإن أربا الربا استطالة الرجل في عِرْضِ أخيه»، وروى الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه من حديث يحيى بن راشد قال: «من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخـرج مما قال»، وردغة الخبـال: عصارة أهـل النار، والرَّدغة- بفتح الدال وسكونها- الماء والطين.
-6 الإعانة على قضاء حوائج الدنيا على قدر استطاعتك، وفي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أن رجلاً جاء إلى النـبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول! أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله: «أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل، سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربة، أو يقضي عنه دينا، أو يطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي في حاجة أخي المسلم أحب إليّ من أن اعتكف في المسجد شهراً - يعني: مسجد المدينة -، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه- ولو شاء أن يمضيه أمضاه- ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له، أثبت الله قدمه يوم تَزِلُّ الأقـدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمـل كما يفسد الخـل العسل»، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هـريرة يقول المصطفى: «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه...».
-7 بذل النصيحة بصدق وأمانة، وفي صحيح مسلم من حديث تميم الداري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الدين النصيحة» قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»، قال الشافعي: من نصح أخـاه بين الناس فقد شانه، ومن نصح أخاه فيما بينه وبينه فقد ستره وزانه. والناصح الصـادق: رقيق القلب، نقي السريرة، مخلص النية، يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فإن رأى أخاه في عيب دنا منه بحنان، وتمـنى أن لو ستره بجـوارحه لا بملابسه، وفي القرآن الكريم: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح: 29].
-8 التناصر: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال رجل: يا رسول الله أنصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً؟ فقال: «تأخذ فوق يديه»، وهذا من أهم الحقوق: فالأخ ليس مَلَكاً مقرباً، ولا نبياً مرسلاً، فإن زل الأخ في هفوة فهو بشر، فاستر عليه. قال بعض أهل العلم: الناس صنفان. صنف اشتهر بين الناس بالصلاح والبعد عن المعاصـي، فإن زل ووقع وسقط في هفوة من الهفـوات على المسلمين أن يستروا عليه، ولا يتبعوا عوراته، وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وأبو داود من حديث أبى برزة الأسلمي أنه قال: «يا معشر من آمن بلسانه، ولما يدخل الإيمان قلبه: لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عوراتهم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، يفضحه في بيته»، والصنف الثانى من الناس: يبارز الله بالمعاصي ويجهر بها، ولا يستحي من الخالق، ولا من الخلق، فهذا فاجر، فاسق، لا غيبة له.
ثالثا: الطريق إلى الأخوة:
-1 العودة الصادقة إلى أخلاق هذا الدين.
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وقد لخصت عائشة رضي الله عنها أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في كلمات قليلة ولكنها عظيمة فقالت: «كان خلقه القـرآن».
-2 نتحرك لدعوة المسلمين إلى هذه الأخلاق بالحكمة والموعظة الحسنة.
-3 نحوِّل هذه الأخلاق النظرية إلى واقع عملي، قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، وقال تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
كتبه/ د.محمد هشام طاهري
|
| |
|
soussou المديرة العامة
الاوسمة : عدد المساهمات : 198 السٌّمعَة : 10 تاريخ التسجيل : 14/02/2009 العمر : 29
| موضوع: رد: الأخـــوة فـــي الله الأربعاء ديسمبر 09 2009, 18:27 | |
| | |
|
hinata عضوة نشيطة
الاوسمة : عدد المساهمات : 105 السٌّمعَة : 7 تاريخ التسجيل : 05/06/2009 العمر : 27
| موضوع: رد: الأخـــوة فـــي الله الأحد ديسمبر 13 2009, 16:10 | |
| | |
|